الدوحة (أ ف ب) 

دخل إلى نهائيات مونديال قطر محمولاً برغبة جامحة لإحراز اللقب للمرة الأولى منذ 2002 والسادسة في تاريخه، لكن لعنة جيل نيمار ضربته مجدداً ليتأجل حلم المنتخب البرازيلي أربعة أعوام أخرى، بعد انتهاء المشوار عند ربع النهائي.
انتهى الحلم وبدا نيمار مجدداً عاجزاً عن السير على خطى أسلافه الكبار، بعد السقوط على يد كرواتيا بركلات الترجيح، خلال مباراة تبخرت فيها فرحة نجم باريس سان جيرمان الفرنسي بمعادلة رقم الأسطورة بيليه، من حيث عدد الأهداف بألوان «السيليساو».
اعتقد فريق المدرب تيتي أن كل الفرص قائمة هذه المرة، لمنح بلاده لقب طال غيابه، بعد حملة تصفيات مثالية وتألق معظم نجومه، لا سيما في خط المقدمة بوجود نيمار وفينيسيوس جونيور ورودريجو.
وضع تيتي فريقه على السكة الصحيحة، ونفض عنه غبار الهزيمة التاريخية أمام ألمانيا 1-7 في نصف نهائي مونديال 2014، من خلال قيادته إلى التتويج بكوبا أميركا عام 2019، ثم خاض تصفيات أميركا الجنوبية، من دون أي هزيمة.
ورفع تيتي السقف بقوله لصحيفة «ذي جارديان» البريطانية في يونيو الماضي «يجب أن نبلغ النهائي ونصبح الأبطال، هذه الحقيقة، في روسيا كنت المدرب في ظروف مختلفة «بعد إقالة دونجا»، اليوم لدي فرصة إكمال دورة السنوات الأربع. التوقعات مرتفعة، لكني مركز على العمل».
خاض تيتي نهائيات قطر بخطوط تتمتع بخبرة هائلة، بدءاً من حارس ليفربول الإنجليزي أليسون، وقطبي قلب الدفاع تياجو سيلفا وماركينيوس، مرورا بخط الوسط بوجود كاسيميرو ومروحة رائعة من المهاجمين بقيادة نيمار.
لكن كل شيء انتهى السبت على يدي الحارس الكرواتي دومينيك ليفاكوفيتش، والقائم الأيمن اللذين صدا ركلتي ترجيحيتين لرودريجو وماركينيوس، ما يعني أن الحلم بنجمة سادسة بات معلقاً أقله لـ24 عاماً، أي الفترة الممتدة من اللقب الأخير عام 2002 والمونديال المقبل عام 2026، لتتكرر سنوات عجاف اختبرها المنتخب بين لقبه الثالث عام 1970 بقيادة بيليه والرابع عام 1994 بقيادة روماريو.
بالسقوط قبل الدور نصف النهائي، لم يكن أداء نيمار ورفاقه أفضل مما كان عليه الوضع أعوام 2006 و2010 و2018، فيما كانت أفضل نتيجة منذ تتويج 2002 الوصول إلى نصف النهائي عام 2014 على أرض «سيليساو» حين تلقى هزيمة مذلة تاريخية أمام ألمانيا 1-7.
من الواضح أن هذا يثير مسألة التوقعات الهائلة الموضوعة على أكتاف اللاعبين البرازيليين والضغط الذي يعيشونه جراء الرغبة المتواصلة بإحراز هذا اللقب السادس.
وأقر الجناح رافينيا قبل النهائيات «نحن نحمل هذا الوزن مثل كل البرازيليين، منذ 2006، أراد الجميع أن تفوز البرازيل بالنجمة السادسة».
لكن الأعوام تمر وتأجل الحلم الآن حتى 2026، حين تنظّم البطولة في القارة الأميركية، إنما في القسم الشمالي منها مشاركة بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك.
لكن النسخة الـ23 من النهائيات ستكون بلا شك دون تياجو سيلفا «38 عاماً حالياً»، داني ألفيش «39 عاماً»، والأهم من دون نيمار الذي ألمح العام الماضي من أن كأس العالم في قطر ستكون على الأرجح «الأخيرة» له.
وقال نجم سان جيرمان لمنصة «دازون» للبث التدفقي «لا أعرف ما إذا كنت سأظل حتى حينها أتمتع باللازم والذهنية لتحمل المزيد من كرة القدم».
كرّر ذلك الجمعة، وقال بعد الخسارة «أنا لا أغلق أي أبواب على المنتخب الوطني، لكن أيضاً لا أضمن 100 في المئة أنني سأعود».
قد يعدل نيمار عن موقفه بعد تبخر الحلم، إذ بإمكانه مواصلة اللعب على أعلى المستويات حتى حينها كونه لم يتجاوز الثلاثين من عمره ولديه عقد طويل مع سان جيرمان.
يخاطر نيمار بإنهاء مسيرته الدولية وفي جعبته كأس القارات «2013»، والميدالية الذهبية الأولمبية 2016 فقط، وذلك لأنه كان خارج التشكيلة عندما فاز رجال تيتي بلقب كوبا أميركا 2019.
من إصابة في الظهر إلى أخريين في القدم والكاحل، هذه العلاقة التي ربطت نيمار بالمنتخب أكثر من الأهداف الـ77 التي جعلته على المسافة ذاتها من الهداف التاريخي بيليه.
وإذا كانت مسألة بقاء نيمار مع المنتخب من عدمه غير محسومة، فإن الرحلة انتهت بالتأكيد بالنسبة لتيتي الذي كان رأيه حاسماً أصلاً قبل النهائيات، بالإعلان عن أن مونديال قطر سيكون نهاية رحلته مع «السيليساو».
وبفضل مجموعة المواهب التي لا تنضب، مثل ريشارليسون أو فينيسيوس جونيور ورودريجو أو أنتوني وجابرييل مارتينيلي، سيتمكن «السيليساو» من إعادة اكتشاف نفسه، بغض النظر عن مدربه المستقبلي، لكن الضغط من أجل الفوز باللقب السادس سيبقى قائماً وثقلاً هائلاً حتى يتحقق الحلم.