لوسيل (أ ف ب)
بعدما كانا بطلي تأهل بلديهما إلى الدور نصف النهائي لمونديال قطر 2022، ستكون الأنظار شاخصة الثلاثاء في ملعب لوسيل على المواجهة المرتقبة بين الحارسين الأرجنتيني إيميليانو مارتينيز والكرواتي دومينيك ليفاكوفيتش، لاسيما إذا وصلت المواجهة لركلات الترجيح.
كان الجميع ينتظر أن يكون لوكا مودريتش النجم المطلق للمنتخب الكرواتي في مونديال قطر، فجاءت المساندة من الحارس المغمور ليفاكوفيتش الذي خطف الأضواء من الجميع.
فرض ليفاكوفيتش نفسه بطلاً في ثمن النهائي حين فطر قلوب اليابانيين في ركلات الترجيح، حيث تصدى ابن الـ27 عاماً لثلاث ركلات للمنتخب الآسيوي، وحرمه من بلوغ ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخه.
وقعت كرواتيا على البرازيل في ربع النهائي، فرأى كثر أنها مباراة في متناول نيمار ورفاقه.
لكن لاعبي المدرب زلاتكو داليتش عرفوا كيف يتعاملون مع الضغط؟ ونجحوا في جر «سيليساو» إلى ركلات الترجيح، مانحين حارس دينامو زغرب فرصة جديدة للعب دور البطل، فكان على الموعد منذ الركلة الترجيحية الأولى التي نفذها نجم ريال مدريد الإسباني رودريجو.
هذه الركلة الترجيحية الضائعة تركت أثرها الكبير على لاعبي المدرب تيتي، فوصل ماركينيوس وهو تحت ضغط كبير إدراكاً منه بأن عليه التسجيل وإلا سينتهي الحلم بلقب أول منذ 2002.
لكن الرهبة التي خلفّها ليفاكوفيتش بدت جلية تماماً على عيني المدافع البرازيلي، الذي حطم آمال بلاده بمواصلة الحلم بعدما سدد في القائم الأيسر.
كان زميل ليفاكوفيتش المدافع بورنا سوسا واثقاً أنه «إذا وصلنا إلى ركلات الترجيح فستكون الأفضلية لصالحنا. يمنحك الكثير من الثقة، لأنه ضد فريق مثل البرازيل، ستكون فرص التسجيل كثيراً لصالحهم لأنه لا يمكن تحجيم هذا النوع من اللاعبين».
وتابع: «كي تفوز على البرازيل، أنت بحاجة بعض الشيء إلى هذا النوع من الحظ وحارس على أعلى مستوى مثل الذي امتلكناه خلال مباراة ربع النهائي».
وكان ليفاكوفيتش متواجداً على دكة البدلاء قبل أربعة أعوام، حين حلت كرواتيا وصيفة بفضل حارسها الآخر دانيال سوباشيتش الذي تألق في ركلات الترجيح أمام الدنمارك في ثمن النهائي وروسيا المضيفة في ربع النهائي.
بالنسبة للمدرب داليتش صنع ليفاكوفيتش «الفارق في لحظات مصيرية من المباراة بإنقاذنا وقام بما يجب كي يمنحنا الثقة».
عندما كان ليفاكوفيتش شاباً، رأى بالحارس الإسباني إيكر كاسياس، بطل مونديال 2010، مثله الأعلى، من دون أن يحلم حتى بأن يكون على بعد خطوتين فقط من السير على خطى قائد ريال مدريد السابق والفوز باللقب العالمي.
لكن على الفريق الذي نشأ «كمقاتلين» وفق تعبيره أن «نتعامل مع كل مباراة على حدة، وسنرى إلى أين سيوصلنا ذلك».
وقبل تحقيق حلم اللقب، على ليفاكوفيتش التعامل الآن مع أرجنتين ليونيل ميسي، الباحث عن تتويج مسيرته الدولية بلقب يدخله نادي الأساطير ويجعله على المسافة ذاتها من مواطنه الراحل دييجو مارادونا.
وتعول أرجنتين ميسي بدورها على مارتينيز الذي رد بأفضل طريقة على ما وصفه «تعجرف» الهولنديين، وتفاخرهم بأنهم قادرون على حسم المباراة في حال انتهاء وقتيها الأصلي والإضافي بالتعادل، من خلال صده ركلتين ترجيحيتين لرجال المدرب لويس فان جال.
كان حارس أستون فيلا الإنجليزي البالغ من العمر 30 عاماً والملقب بـ«ديبو» تيمناً بشخصية كرتونية شهيرة في الأرجنتين «متأثراً. ما أفعله، أقوم به من أجل 45 مليوناً (أرجنتينياً) يمرون بأزمة اقتصادية سيئة».
وتابع بعد المعركة ضد الهولنديين: «منح الفرح للناس هو أفضل شيء يحدث لي في الوقت الحالي».
وأوضح: «كان الشباب متعبين، شعرت أنهم بحاجة إلى المساعدة، لكنني لم أتمكن من فعل أي شيء. لحسن الحظ، تمكنت من القيام بذلك لاحقاً من خلال ركلتي ترجيح».
لم يحافظ الفوز على حلم ميسي بالحصول أخيراً على كأس العالم فحسب، بل جاء بعد ساعات فقط من خروج البرازيل من البطولة بركلات الترجيح أمام الكرواتيين.
في سن الخامسة والثلاثين، يعلم ميسي أنها ستكون كأس العالم الخامسة والأخيرة له.
لكن كان من الممكن أن ينتهي كل شيء، لولا مارتينيز الذي لعب أيضاً دوراً رئيساً في فوز الأرجنتين ببطولة كوبا أميركا 2021، ما أنهى فترة صيام عن الألقاب استمرت 28 عاماً في البطولة القارية.
وأنقذ مارتينيز ثلاث محاولات في الفوز في نصف النهائي بركلات الترجيح على كولومبيا، قبل أن يتم اختياره افضل حارس في البطولة، بعد أن حافظ على شباكه نظيفة في الفوز 1-0 على البرازيل المصيفة في المباراة النهائية.
وكشف ميسي بعد اللقاء المشحون الذي شهد 18 إنذاراً ومشادات بالجملة بين المنتخبين: «قلت له أنه كان وحشاً. كان ظاهرة».
أما المدرب ليونيل سكالوني، فقال: «كنا ندرك كما فعل ضد كولومبيا قدرته على إنقاذ بعض ركلات الترجيح».
كان الطريق طويلاً ومتعرجاً للوصول إلى القمة بالنسبة للاعب قضى 10 سنوات مع أرسنال الإنجليزي، قبل أن يجد أخيراً مكاناً له في صفوف أستون فيلا.
قضى مارتينيز وقته في أرسنال في الغالب على سبيل الإعارة في الدرجات الدنيا الإنجليزية وبدا متجهاً نحو مسيرة هامشية، قبل أن يتعاقد معه أستون فيلا مقابل 20 مليون جنيه إسترليني (24.5 مليون دولار) في سبتمبر 2020.
أصبح حارس فيلا أساسياً، وبحلول نهاية ذلك الموسم ظهر كخيار أول للأرجنتين، حيث شارك لأول مرة بعد 10 سنوات من استدعائه لأول مرة.
على مدار الموسم الماضي، رسخ نفسه كالحارس الأول للأرجنتين بلا منازع. يبقى أن يساهم في إحراز منتخب بلاده إلى اللقب الثالث في تاريخها بعد عامي 1978 و1986 ليرسخ اسمه بأحرف ذهبية في صفوف منتخب بلاده.