الدوحة (أ ف ب)

كأن استاد لوسيل بات ملحقاً للملعبين الأسطوريين "لا بومبونيرا" و"مونومونتال" في بوينوس أيرس، بحيث تحول إلى معقل للأرجنتين في مونديال قطر، بعدما استضاف ليونيل وميسي ورفاقه لثلاث مباريات، وسيكون معهم على الموعد مجدداً الثلاثاء لاحتضان 40 ألف من مشجعيهم في نصف النهائي ضد كرواتيا.
وبعد الفوز على هولندا في ربع النهائي بركلات الترجيح، قال ميسي "نستفيد من هذه اللحظات مع الأشخاص الموجودين هنا وفي الأرجنتين، حيث يشعر الجميع بنشوة" الانتصار.
ومنذ بداية نهائيات النسخة الثانية والعشرين، كان الجمهور الأرجنتيني العلامة الفارقة في الدوحة.
وبحسب تقديرات السفارة الأرجنتينية في قطر، خطط بين 35 و40 ألف أرجنتيني لحضور كأس العالم، ومساندة منتخب بلاده في مسعاه لإحراز اللقب الأول منذ 1986 والثالث في تاريخه، ما جعل جمهور "ألبيسيليستي" الأكبر في العاصمة القطرية، إلى جانب مشجعي المكسيك والسعودية والآن المغرب.
ولا تنحصر مساندة فريق المدرب لويس سكالوني بالأرجنتينيين وحسب، بل يتهافت أيضاً للوقوف خلفه الآلاف من الهنود والبنغال العاملين في قطر ومشجعين من المنطقة.
تغذى ميسي ورفاقه طوال البطولة من الحماس القادم من المدرجات واستفادوا من ميزة الشعور كأنهم يلعبون على أرضهم تقريباً، ووحده المنتخب المغربي يتفوّق عليهم من ناحية الدعم الجماهيري في العاصمة القطرية، من بين المنتخبات الأربعة المتواجدة في نصف النهائي.
وفي نهاية كل من المباريات التي فازوا بها، بقي لاعبو الأرجنتين على أرضية الملعب للاحتفال مع الجمهور، وغالباً ما كانوا يرددون أنهم كانوا يلعبون من أجل "45 مليون" أرجنتيني.
وفي الأرجنتين، نقلت وسائل الإعلام المحلية الكثير من القصص لمشجعين ادَّخروا لمدة أربعة أعوام، من أجل تحمل تكاليف الرحلة إلى قطر، وقاموا بتغيير الـ"بيسو" إلى دولار حتى لا يفقدوا قيمة ما ادَّخروه، لأن التضخم يلتهم القوة الشرائية للمواطن (بلغ 76.6 % منذ مطلع العام الحالي).
ومن بين الذين قدموا إلى قطر من أجل مؤازرة ميسي ورفاقه في كتيبة سكالوني، هناك بيتو، ابن الستين عاماً المغترب الذي يعيش في الولايات المتحدة وليس في الأرجنتين، إلا أن ذلك لم يؤثر على شغفه حيال كرة القدم والمنتخب الوطني وفق ما أفاد، قائلاً: "على الرغم من أني عشت في الولايات المتحدة لفترة طويلة، فإذا قطعت معصمي سيتدفق الدم الأزرق والأبيض".
وتابع: "لدينا شغف كبير حيال كرة القدم. نعاني كثيراً يومياً لأن هناك مشاكل في بلدنا، فالاقتصاد ليس على ما يرام. لكن كرة القدم تمنحنا هذه الطاقة التي تسمح لنا بالانتقال من لا شيء إلى كل شيء".
هذا الشغف وهذا الرابط الذي يوحد الشعب الأرجنتين، تعكسهما أغنيتان تضج بهما مدرجات الملاعب في قطر بعنواني "فاموس أرخنتينا" و"موتشاتشوس" التي تعتبر من الأناشيد غير الرسمية للمنتخب والتي تستجلب، بالإضافة إلى ميسي، ذكريات مارادونا ووالديه دون دييجو ودونا توتا، لكن أيضاً ذكريات جزر فوكلاند المتنازع على سيادتها بين بريطانيا والأرجنتين، والتي شهدت حرباً عام 1982 خلفت 649 قتيلاً أرجنتينياً و255 بريطانياً.
وأوضح مدير متحف فوكلاند في بوينوس أيرس إدجاردو إستيبان أن "الأرجنتين بلد معقد فيه العديد من الانقسامات السياسية. لكن جزر فوكلاند هي مصدر إجماع، كما حال المنتخب الوطني لكرة القدم. نشعر جميعاً بهذا الانتماء".
وبحلم إحراز لقب طال انتظاره منذ 1986، ينشد الأرجنتينيون في المدرجات "+موتشاتوس+ (أيها الأولاد)، اليوم، بدأنا نؤمن مرة أخرى. أريد أن نفوز بالثالث، أريد أن أكون بطل العالم! بالنسبة لدييجو، بإمكاننا أن نراه في السماء بجانب دون دييجو ولا توتا يساند ليونيل!".
ويريد ليونيل كل المساندة الممكنة من زملائه من أجل تخطي كرواتيا الثلاثاء، ومن بعدها الفائز من مواجهة الأربعاء بين فرنسا حاملة اللقب والمغرب، الذي يمني النفس بمواصلة الحلم بعدما بات أول منتخب إفريقي يصل إلى نصف النهائي.