الدوحة (أ ف ب)

يخوض ليونيل ميسي مدعوماً من 47 مليون أرجنتيني ومئات الملايين حول العالم من عشّاق موهبته الصارخة، نصف نهائي مونديال قطر 2022 في كرة القدم، الثلاثاء ضد كرواتيا المقاومة حتى الرمق الأخير، بحثاً عن لقب وحيد ينقص خزانته المترفة.
وبحال تخطيه الاستحقاق الأول، يتعيّن على «ألبيسيلسيتي» الخضوع لامتحان أصعب في نهائي الأحد، أمام فرنسا حاملة اللقب أو المغرب مفاجأة البطولة الجميلة والمدعوم من مئات ملايين الأفارقة والعرب.
لكن قبل التفكير في استحقاق ثانٍ قد لا يتحقّق، يتعيّن على «البرغوث» تخطي كرواتيا على استاد لوسيل، المتوقع أن يغصّ بجماهير زاحفة من بوينوس أيرس وأخرى مقيمة في الدوحة، عبّرت طوال البطولة عن دعمها غير المنقطع لأفضل لاعب في العالم سبع مرات.
أحرز ابن الخامسة والثلاثين كل الألقاب الممكنة، خصوصاً مع ناديه السابق برشلونة الإسباني، واتبعها بتتويج قاري مع منتخب بلاده في كوبا أميركا في عقر دار البرازيل عام 2021، لكن اللقب العالمي الأهم لا يزال يهرب من لاعب سجل 790 هدفاً، بعد أربعة إخفاقات أقربها للتويج عام 2014، عندما خسر في الرمق الأخير أمام ألمانيا.
تتويجه الأحد، سيضعه دون أي شك بمصاف البرازيلي بيليه، المتوج ثلاث مرات في 1958 و1962 و1970 ومواطنه الراحل دييجو مارادونا الذي قاد «بمفرده» الأرجنتين إلى لقبها الثاني في 1986.
كما فعل مارادونا قبل 36 عاماً، ولو بنسب مختلفة، يقدّم ميسي مستويات رائعة في قلب تشكيلة لا تضم نجوماً خارقين في الملاعب الأوروبية، كما في العقدين الأخيرين.
سجّل لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي حتى الآن أربعة أهداف ومرّر كرتين حاسمتين، ويدرك تماماً أنها الفرصة الأخيرة له في المسابقة، كما عبّر عن هذا الأمر في أكثر من مناسبة.
قال ميسي البالغ طوله 1.70 م: «ستكون مباراة قوية جداً. أثبتت كرواتيا نجاعتها، وتبيّن انه إذا تركنا لهم فرصة اللعب، يملكون لاعبين قادرين على الاستحواذ، خصوصاً في خط الوسط».
وإلى انخراطه في عمق منتخب اعتزل عن تمثيله سابقاً قبل عودته عن قراره، برز ميسي «الخجول» في ساحة المعارك والمناوشات اللفظية، على غرار اشتباكه الكلامي مع مهاجمه هولندا فاوت فيخهورست، إثر تخطي البرتقالي بصعوبة بالغة في ربع النهائي بركلات الترجيح بعد إهدار التقدم بهدفين في الدقائق الأخيرة.
دافع مدربه ليونيل سكالوني، الأصغر في النهائيات الحالية (44 عاماً)، عن تشكيلته معتبراً أنها تملك ثقافة تحقيق الفوز: «لا أحبّذ فكرة أننا لا نعرف كيف نفوز. لعبنا بالطريقة الصحيحة (ضد هولندا)».
وبموازاة ذلك، تزحف كرواتيا، دولة الأربعة ملايين نسمة الواقعة في قلب أوروبا على البحر الأدرياتيكي، نحو نهائي ثانٍ توالياً، بعد أن صدمت العالم في 2018 بمشوار رائع قبل خسارة النهائي أمام فرنسا 2-4.
وكما في 2018، يقودها عقلها المدبّر لوكا مورديتش (37 عاماً)، في قلب خط وسط يُعدّ من نجوم البطولة ويضمّ ماتيو كوفاتشيتش ومارسيلو بروزوفيتش.
غضب المدرب زلاتكو داليتش من سؤال عدائي الاثنين وصف فريقه بالدفاعي المعتمد على ركلات الترجيح، فقال: «نحنُ في نصف نهائي كأس العالم، هذه نهاية القصة».
يدرك مدرب الهلال السعودي والعين الإماراتي السابق، أن تكرار فوزه على الأرجنتين بعد تخطيها 3-0 بسهولة في دور مجموعات 2018، لن يكون سهلاً هذه المرة، وسط أجواء «معادية» في ملعب لوسيل، الذي يتوقع أن يناهز حضوره تسعين ألف متفرّج.
لكن المدرب الهادئ والصبور، قد لا يجد بديلاً عن الوصول إلى ركلات الترجيح، التي ابتسمت له أربع مرات في نسختين، أمام الدنمارك وروسيا في 2018 ثم أمام اليابان والبرازيل في النسخة الحالية، ليطيح أبطال العالم خمس مرات محققاً واحدة من أبرز مفاجآت البطولة.
في نهائي 2018، بدا «المتوهجون» مرهقين في النهائي بعد خوضهم التمديد ثلاث مرات، فهل سيتمكن مخضرمو الفريق الأحمر والأبيض الصمود مجدداً لفترات طويلة؟
يجيب داليتش الذي ساهم في صنع إنجاز النسخة الماضية بعدما كان مدرباً مغموراً «لا زلنا أقوياء، مع الطاقة والحماس.. سنقدّم كل شيء كما فعلنا في المباريات السابقة»، ولا شكّ أنه يعوّل على دفاع حديد بقيادة نجم ركلات الترجيح الحارس دومينيك ليفاكوفيتش وقلب الدفاع «المقنّع» يوشكو جفارديول.
وسيتلقى منتخب المغرب الذي صنع التاريخ عندما أصبح أول منتخب أفريقي وعربي، يبلغ نصف نهائي البطولة العريقة التي انطلقت عام 1930، دعماً جماهيرياً إضافياً.
تصل ثلاثون رحلة بين الدار البيضاء والدوحة بحسب ما أعلنت شركة الخطوط الجوية المغربية، التي ستؤمن جسراً جوياً، لتمكين أعداد إضافية من مشجعي منتخب «أسود الأطلس» من حضور نصف نهائي الأربعاء ضد فرنسا.
والمغرب، إلى جانب أرجنتين ميسي، حظي بدعم جماهيري لا مثيل له في النهائيات الحالية، نظراً للنتائج الرائعة التي يحققها فريق المدرب وليد الركراكي.