مصطفى الديب (أبوظبي)


من بين 23 مشاركة سابقة، نجح «الأبيض» الإماراتي في حصد لقب كأس الخليج مرتين، قد يرى بعضهم أن الرقم «ضعيف»، لكن ما قدمه المنتخب الإماراتي في هذه البطولة كثير، وكان قريباً من اللقب في أكثر من مناسبة، لكن حالت الظروف من دون ذلك. جيل بعد جيل، ظل الانتظار، من أجل أن يتحقق الحلم، حتى تجسد حقيقة بعد مرور 35 عاماً، وتحديداً في عام 2007، عندما استضافت أبوظبي «خليجي 18»، ليحصد جيل إسماعيل مطر ورفاقه اللقب، فيما كانت المرة الثانية في عام 2013 بأقدام جيل الأمل بقيادة الساحر «عموري» في البحرين. في البطولتين حكايات وروايات بأقدام وقدرات لاعبي الإمارات، فهيا بنا نتذكر أحلى الذكريات.

هل تعلمون أننا انتظرنا 35 عاماً، لكي نحصد الكأس لكي نغني لها ونعانقها.. الحقيقة إننا اكتفينا بموعد معها في الحلم طوال ثلاثة عقود ونصف من الزمان، منذ المشاركة الأولى في خليجي 2 عام 1972 حتى تحقيق اللقب في 2007.
من عاش تلك الأجواء سيعرف كيف كان العطش لهذا اللقب إنه اللقب الأول والفرحة الكبرى لشعب ظل يحلم بمعانقة كأس الخليج إلى أن تحقق الحلم وأصبح حقيقة على يد إسماعيل مطر ورفاقه في بطولة كانت الأجمل والأروع في كل شيء.
«انظر حولك».. لن تجد إلا علم الإمارات.. انظر في الشاشة ودقق في الصورة ستجد تلك القبعات تزين المدرجات، كانت تلك هي صيحة البطولة.. الكل يحمل علماً أو يتزين بوشاح أو يرتدي قبعة، فلا صوت يعلو فوق صوت الإمارات. ورغم الخسارة الأولى أمام عمان في ضربة البداية، فإن منتخبنا بقيادة الرائع إسماعيل مطر قاتل وحاول حتى انتصر ووصل إلى النهائي ليواجه منتخب السلطنة مجدداً، وهنا كان التحدي بين الخوف من تكرار الخسارة وضياع الحلم وبين الثقة في جيل وانتظار لفرحة وطن.
كما فعلها إسماعيل مطر في نصف النهائي أمام المملكة العربية السعودية عاد مجدداً ليكرر مشهد البطولة ويحقق الانتصار الأغلى والأروع والأجمل منذ النسخة الثانية، منذ أن حضر الإمارات.
لا توجد كلمات لوصف صوت الجماهير في المدرجات ولا جمل تعبر عن فرحتها وصورتها في كل مكان سواء في ملعب مدينة زايد الرياضية لمن كان سعيد الحظ وحضر لحظة النصر أو من كان في الشوارع يحتفل في أبوظبي على الكورنيش وفي شارع إلكترا والمطار والخليج العربي وفي بني ياس والشهامة والباهية وكل أحياء العاصمة وفي دروب دبي وشارع الشيخ زايد والضيافة والرقة وفي ديرة والراشدية ومردف وكل أحياء دانة الدنيا في الشارقة وفرحة العشاق في شارع الوحدة وجمال عبد الناصر والكورنيش وهناك في رأس الخيمة وعجمان والفجيرة وأم القيوين، وفوق كل شبر من أرض الوطن فرح الكبير والصغير، فرح الشيخ والشاب، فرح الإماراتي والمقيم، فرح كل من عاش هنا، لأنه وطن يستحق الفرحة. لكن ماذا بعد النصر؟ كان العز والفخر باستقبال المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، لأبطال الخليج وتكريمهم وسط فرحة من الأبطال ووسط احتفال من شعب وقادة، كان ضرباً من الخيال.

ولم يكن هناك حديث إلا عن هذه المجموعة، وذلك المنتخب الذي يضم كوكبة من النجوم، منذ أن بدأ في مرحلة الشباب، صعد إلى الأولمبياد في «لندن 2012»، وغيرها من الإنجازات، وقدم كرة جميلة ممتعة بقيادة المدرب الوطني مهدي علي، وجاء الدور على كأس الخليج ليفي بالوعد، ويحصد اللقب الثاني في تاريخ الإمارات، عندما رفع الكأس في البحرين عام 2013، وتحديداً في 2013.
عاد «عموري» ورفاقه بالفرحة من المنامة إلى الإمارات بمختلف مدنها بداية من العاصمة أبوظبي.
فرحة كانت بمثابة مقدمة وضع عليها الكثيرون آمالاً كبيرة في هذا الجيل. في تلك البطولة تُوج منتخب الإمارات باللقب، لكنه لم يترك الألقاب الفردية أيضاً، حيث حصد عمر عبد الرحمن جائزة أفضل لاعب، وحصل أحمد خليل على لقب الهداف مشاركة مع كل من العراقي يونس محمود، والكويتي عبد الهادي خميس ولكل منهم ثلاثة أهداف. جاءت بداية البطولة مبشرة بأن «الأبيض» هو البطل ولن ينافسه أحد، وقدم مستويات كبيرة في الانطلاقة أمام قطر، وحصد الفوز بثلاثية مقابل هدف، ثم عاود تكرار الفرحة أمام البحرين، وحصد الفوز بهدفين مقابل هدف، وفي المباراة الثالثة خسر أمام عُمان، بعد أن ضمن الصعود متصدراً للمجموعة الأولى. واجه «الأبيض» نظيره الكويت في نصف النهائي، وحقق الفوز بهدف المتألق أحمد خليل، ليصعد إلى النهائي، ليلاقي منتخب العراق، ويفوز «الأبيض» بهدفي عمر عبد الرحمن وإسماعيل الحمادي، ليحصد اللقب الثاني في تاريخه، ويواصل منتخب الأمل خطواته الواثقة ويفي بوعده الخليجي.
فرحة «الأبيض» لم تكن في اللقب فقط، أو في العودة بالكأس، ولكن الفرحة الكبرى في استقبال الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله» للمنتخب ومصافحة اللاعبين والجهاز الفني للمرة الثانية على مستوى كأس الخليج بعد «خليجي 18» في عام 2007.