معتز الشامي (البصرة)


تعود كأس الخليج إلى «بلاد الرافدين»، وأرض الأساطير، بعد غياب استمر 44 عاماً عن النسخة الأخيرة التي نظمتها العراق في «خليجي 5»، لتقام هذه المرة في مدينة «الأساطير» البصرة، التي اشتهت بأنها حاضنة العلم والعلماء، ويكفي أن تعرف أن البصرة هي مدينة عالِم الأحاديث أبو داود، كما قدمت للعالم الإسلامي ابن سيرين مفسر الأحلام، وكذلك الفراهيدي في علم العروض، وسيبويه والحسن البصري وابن الهيثم، ورابعة العدوية، والجاحظ والأصمعي وغيرهم الكثير.
وهذه المرة الثانية التي يستضيف فيها العراق البطولة بعد 1979 في بغداد، بعدما قام عدنان درجال رئيس الاتحاد العراقي، بدور كبير في إعادة البطولة إلى العراق بعد سنوات من التأجيل المستمر وتحديداً منذ 2008.
وتزامنت عودة البطولة إلى «بلاد الرافدين»، بقرارات حكومية عراقية، لتحقيق نقلة في المنشآت الرياضية، حيث أوصت الحكومة ببناء مدينة رياضية كاملة في مدينة البصرة، تكريساً لرغبة العراق في العودة الفعلية إلى أجواء الرياضة في الخليج العربي، وفي عام 2013، اُفتتح أكبر ملعب دولي في العراق، ضمن المدينة الرياضية، بسعة 65 ألف متفرج.
واستضاف العراق البطولة أول مرة عام 1979 في العاصمة بغداد، وتُوج بلقب النسخة الخامسة، وهو أول ألقابه الثلاثة قبل لقبه في مسقط 1984، والرياض 1988، وكلها في عهد المدرب الراحل عمو بابا.
فيما شهدت البصرة التي تستضيف العرس الخليجي، حفل افتتاح ضخماً أشرفت عليه شركات عالمية وفرق متخصصة من هولندا وألمانيا وإيطاليا، وأكد محافظ البصرة أسعد العيداني أن المدينة أصبحت مستعدة تماماً وكل تحضيرات ومتطلبات البطولة، اتخذت تدابيرها بشكل يؤدي إلى إنجاح «خليجي 25». 
واعتمدت اللجنة التنظيمية خطة أمنية منسقة مع قيادة عمليات البصرة لتأمين أجواء الملاعب وأماكن إقامة الوفود وتنقلها بشكل مريح داخل المدينة، حسب مدير البطولة ونائب رئيس الاتحاد العراقي علي جبار، الذي أشار إلى أن كل التحضيرات اللوجستية والإدارية والخطط الأمنية وغيرها جاهزة لاستقبال كأس الخليج ومنتخباته.
وانتهت الاستعدادات بملعبي مدينة البصرة الرياضية والمعروف باسم «جذع النخلة» ويتسع لـ65 ألف متفرج، وملعب الميناء الرياضي الذي تم تشييده خصيصاً لاستضافة البطولة، ويتسع إلى 30 ألف مشاهد.

 


ورغم الاستقبال الكبير الذي أفردته مدينة البصرة لزوارها، إلا أن الهاجس الأكبر في تلك البطولة، هو غياب التفاعل الجماهيري بعيداً عن الجماهير العراقية، العاشقة لكرة القدم، والتي اشترت أكثر من 95% من تذاكر البطولة، ما أوجد نوعاً من السوق السوداء لتداول التذاكر، للراغبين في حضور المباريات، لاسيما مباريات «أسود الرافدين»، صاحب الأرض والجمهور، وبحسب المصادر الإعلامية، فقد وصلت سعر التذاكر إلى 300 دولار، تحديداً الافتتاح وختام المجموعات.
ويخشى المتابعون من تأثير الضغوط الهائلة للجماهير، على منتخب العراق، الذي يدخل البطولة بمباراة الافتتاح مساء الجمعة أمام شقيقه العُماني، في مواجهة يتوقع أن تكون مثيرة بين الطرفين، على استاد البصرة الدولي.
ويدخل منتخب العراق للبطولة وفي جعبته 3 ألقاب ويبحث عن اللقب الرابع، عبر استغلال عاملي الأرض والجمهور، ولكن وجهت بعض الأصوات تحذيراً للاعبين بعدم التأثر بالضغوط الجماهيرية للبطولة، حيث أكد عبد الوهاب عبد القادر، المدرب العراقي، أن البطولة ستكون صعبة لأصحاب الأرض، لقوة باقي المنتخبات حتى ولو تفوق العراق بعامل الأرض والجمهور، وباقي المنتخبات لديها إمكانيات كبيرة، سواء الإمارات أو عُمان والبحرين أيضاً «حامل اللقب».


الشكوى من التوقيت بسبب «المونديال»

توقفت آراء فنية عند تأثير توقيت بطولة «خليجي 25»، الذي يتوقع أن يكون سلبياً، على الزخم المرتبط ببطولات الخليج، حيث أصر الاتحاد الخليجي على إقامة «النسخة 25» من البطولة، في توقيتها الحالي، وبعد ثلاثة أسابيع تقريباً على انتهاء كأس العالم.
ورأت وجهة النظر أن التأجيل حتى مارس المقبل كان الأنسب، وذلك بعد تشبع متابعي كرة القدم من جراء «المونديال» الذي أقيم للمرة الأولى في وسط الموسم.
وعادة ما كانت تقام كأس الخليج بفواصل كبيرة بينها وبين «المونديال» إذا صادف وأقيمت في العام نفسه، ويصل الفارق بينهما من 4 إلى 6 أشهر، بينما يختلف الحال مع «نسخة 25».
وعن ذلك الأمر أكد بيير كخيا المسؤول السابق في شركة لاجاردييه صاحبة الحقوق، أن توقيت البطولة أثر بالسلب على قدراتها التسويقية، وهو ما يظهر في حالة العزوف على شراء الحقوق من أغلب القنوات بالمنطقة، حيث لم تشتر العديد من القنوات حقوق بث البطولة، لعدم ملاءمتها للأسعار المطلوبة، ورغم ذلك يفترض أن يحسم هذا الملف خلال ساعات.
وتوقفت دوريات المنطقة باستثناء الدوري السعودي الذي يستكمل مشواره خلال البطولة، بعدما شارك «الأخضر» بالصف الثاني ولاعبي الشباب والأولمبي، كما توقف «دوري أدنوك للمحترفين» أيضاً مثل باقي دوريات البحرين وعُمان وقطر والعراق والكويت، وهو التوقف الثاني المتاخم لتوقف أطول بسبب «المونديال»، وتوقع خبراء فنيون تأثر الدوريات المحلية من كثرة التوقفات.
وأكد عبد الرحمن محمد لاعب منتخبنا الوطني الأسبق، أن الموسم الحالي له خصوصيته، وكثرة التوقفات بالفعل سيكون لها تأثير سلبي بلا شك، ولفت إلى أن البطولة قادرة على العودة لتصدر المشهد، خصوصاً إذا قدمت فيها المنتخبات أداءً متميزاً.

استبعاد النجوم ظاهرة البطولة

لجأ مدربو المنتخبات المشاركة إلى تغييرات على قائمة اللاعبين، بعضها جذرية وأخرى محدودة، إلا أن «القاسم المشترك» استبعاد أبرز عناصر «الحرس القديم».
لم يضم رودولفو مدرب «الأبيض» علي مبخوت النجم الأول في المنتخب، وبرر عدم اختياره بالرغبة في البحث عن لاعبين بمواصفات معينة، وأن فلسفته التدريبية تقوم على العمل الجماعي، كما لم يستدع لاعبين كباراً مثل إسماعيل مطر وبندر الأحبابي وعمر عبدالرحمن وغيرهم.
وفي المقابل استدعى المدرب لاعبين شباباً مثل بدر ناصر ووليد فلاح وخالد البلوشي، وأسماء أخرى من الشباب الذين أثبتوا وجودهم مع أنديتهم، ويرى فيهم المدرب مستقبل الكرة الإماراتية.
وفي عُمان استبعد المدرب برانكو اللاعب «المخضرم» أحمد كانو، قبل أن يعلن الأخير اعتزاله مطلع الشهر الجاري، كما خلت القائمة التي اختارها من أسماء دأبت على التواجد في قائمة عُمان منذ سنوات، على غرار عيد الفارسي، ومحسن جوهر، وعلي البوسعيدي، ويغيب أيضاً محسن الغساني، ووليد المسلمي، وعبدالله المشرفي، وركز برانكو على لاعبين شباب أمثال أحمد الكعبي والمعمري ومعتز صالح واليحيائي والمنذر والعلوي.
وفي «الأحمر» البحريني، لم يتم ضم محمد الرميحي صاحب هدف الفوز في مباراة البحرين أمام السعودية في «خليجي 24»، كما لم ترد أسماء إسماعيل عبد اللطيف والحوطي وعلوي والحردان والهزاع وأحمد نبيل ومحمد عبدالوهاب، وأتاح المدرب الفرصة للاعبين شباب مثل إبراهيم الختال وحمزة إدريس ومحمد عباس.
ويركز سكوب مدرب اليمن على اللاعبين الشباب وعناصر المنتخب الأولمبي، متجاوزاً بعض الأسماء، وذكر أنه لا يعد بشيء في البطولة، لأنه يحاول بناء منتخب.
وفي العراق لم يكن هناك إجماع على قائمة المدرب كاساس، ولم يقدم مدرب الكويت الدعوة إلى بدر المطوع وحرمه بذلك من الانفراد بالرقم القياسي في عدد المباريات الدولية، بعد أن تساوى معه رونالدو مؤخراً وكانت بعض الأصوات طالبت بضم اللاعب، إلا أن المدرب فضل استبعاده.