علي معالي (دبي)
لحظات تاريخية تعيشها الجماهير العراقية حالياً، وهي التي عاشت على الأمل منذ أعوام طويلة لكي ترى بلدها يستضيف مسابقة إقليمية أو قارية، أمل تُوج بعد صبر طويل، حيث إنها لامست الفخر والاعتزاز مع إعلان انطلاق كأس الخليج رقم 25 رسمياً.
وعانت العراق سنوات طويلة من الحظر الرياضي، ولكنها مع افتتاح «خليجي 25»، ووجود إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» باتت الأضواء مسلطة على «بلاد الرافدين»، لتؤكد الرياضة والكرة العراقية أنها من جديد قادرة على الصمود أمام كل التحديات مهما طالت سنوات الألم.
اكتظت «البصرة» وهي المدينة الواقعة على مقربة من الحدود مع إيران والكويت، بنحو 10 آلاف مشجع قادمين من دول الخليج، وعلى الكورنيش الخاص بها والمطل على نهر شط العرب، حيث يلتقي دجلة والفرات، رفرفت أعلام الإمارات والسعودية والبحرين والكويت وسلطنة عمان واليمن وقطر والعراق، فيما جلس الزوار في المقاهي المجاورة يحتسون القهوة.
وخاضت الكرة العراقية معركة طويلة مع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» من أجل رفع الحظر عن ملاعبه منذ العام 2003، ولم يستضف العراق هذه البطولة، أو أي بطولة معترف بها دولياً، منذ عام 1979، بسبب الظروف الأمنية والحروب التي خاضها.
ويأمل المنتخب العراقي في استعادة مكانته، خلال تنظيم بطولة كأس الخليج العربي، بعد 44 عاماً، انتظر فيها لتعود المسابقة إلى ملاعبه، ولعب رئيس الاتحاد عدنان درجال دوراً كبيراً في عودة العراق للاستضافة بعد أن عرقلت الأحداث الأمنية في البلاد مساعي ملف استضافة العراق، الذي يعود إلى 2007.
ولعل تلك المساعي أوصت ببناء مدينة رياضية كاملة في مدينة البصرة تكريساً لرغبة العراق في العودة إلى أجواء الرياضة في الخليج العربي، وفي عام 2013 تم افتتاح أكبر ملعب دولي في العراق ضمن هذه المدينة الرياضية، بسعة 65 ألف متفرج، ويستضيف العراق، بطولة كأس الخليج، للمرة الثانية في تاريخه بعد نسخة 1979 في بغداد.
وواجهت بطولة «خليجي 25» العديد من التحديات على مستوى التحضيرات، لكنها حظيت بدعم حكومي كبير ساند مساعي بذلت من أجل استعادة العراق لاستضافة بطولة كأس الخليج على أرضه.
وكانت العودة ممتعة في اليوم الأول من «خليجي 25»، من خلال الحضور الجماهيري الغفير والذي لم يكن متوقعاً بهذه الدرجة، ولن ينظر الكثيرون خاصة في اليوم الأول للمستوى الفني للمباريات، بقدر الاستمتاع بالعودة التاريخية للكرة العراقية للأحضان الخليجية، ومن الواضح من خلال التفاعل الجماهيري الكبير أننا سنشاهد بطولة ناجحة وممتعة تستعيد بها العراق ثقة الجميع في قدرتها على التنظيم والاستضافة.
لم يتوقف العراقيون كثيراً عند عدم تحقيق منتخبهم الفوز في المباراة الافتتاحية، لأن شغفهم الأول كان منصباً على إظهار نجاح التنظيم، وفي البصرة تجلى جوهر العراقيين في محبة الجميع، وهو جوهر يُظهر التصالح الإيجابي للعراقيين مع أنفسهم بعيداً عن التأثيرات السياسية، والرسالة الأولى التي قدمتها البصرة في اليوم الافتتاحي كانت ناجحة بكل المقاييس في كونها تحتضن شباب الخليج بين ذراعيها في الوقت الراهن وبصورة أظهرت أن الرياضة قادرة على محو الكثير من السلبيات التي تتركها السياسة.
وخرجت التصريحات من كل اتجاه، عقب نهاية اليوم الأول، تشيد بما أظهره العراقيون من قدرة على التنظيم والافتتاح الذي جاء مبهراً في كثير من فقراته، حيث أكد الشيخ راشد بن حميد النعيمي رئيس اتحاد الكرة الإماراتي، أن عودة كأس الخليج إلى العراق تؤكد وقفة دول الخليج مع بلاد الرافدين، ودعمها لإعادته للخارطة العالمية.
ونوه محسن مصبح نجم الكرة الإماراتية السابق إلى نقطة مهمة للغاية، قائلاً: «اللوحة الفنية الجماهيرية للافتتاح هي الأبرز وطغت بشكل كبير على المستوى الفني للمباراة الافتتاحية، وإن فرحة الجماهير كانت كبيرة وأكثر من اللاعبين أنفسهم».
وقال مصبح: «الرياضة متنفس كبير جداً للجماهير العراقية وهي تلعب دوراً كبيراً في إسعاد الشعوب، وبالتالي نتوقع أن تكون هذه النسخة الخليجية استثنائية في جعل العالم ينظر مجدداً إلى الرياضة العراقية بمنظور إيجابي يدفعها للأمام بدلاً من الحظر وجعلها منغلقة على نفسها، ووجود إنفانتينو دليل كبير على قناعة الاتحاد الدولي».
وخرج أسعد العيداني محافظ البصرة بعد اليوم الأول، معبراً عن سعادته بما تم، قائلاً: «البداية تؤكد أن البصرة قادرة على التنظيم المثالي، وهو ما نسعى إلى تحقيقه وعودة الأشقاء الخليجيين إلى أحضان العراق دليل على محبتنا جميعاً، التي لا شك فيها مهما طال زمن القسوة والغياب».
وأشار اللاعب الدولي السابق كريم صدام إلى أن عودة العراق إلى البطولة، تعكس عودتهم إلى الحضن العربي من خلال بطولة كأس الخليج.