مراد المصري (دبي)

كسب مانشستر سيتي رهانه على المدرب الإسباني بيب جوارديولا، صاحب الفلسفة الاستثنائية المتفردة التي جعلته يحول الدوري الإنجليزي الممتاز إلى أشبه بمسابقة خاصة به، وحالياً يعود إلى قمة أوروبا مجدداً بحصده لقب دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة في مسيرته كمدرب، والأولى مع «البلو مون»، والرابعة بالمجمل كلاعب ومدرب.
وأصبح جوارديولا أكثر مدرب إسباني تحقيقاً للقب دوري أبطال أوروبا في أعوام 2009 و2011 و2023، متجاوزاً أسماء تاريخية في بلاده، ممن حققوا لقبين، وهم: فيسنتي ديل بوسكي، ميجيل مونيوز، وخوسيه فيلالونجا، كما أنه وضع الإسبان بالمركز الثاني على قائمة جنسيات المدربين الأكثر تحقيقاً للقب برصيد 11 مرة.
ويحسب لإدارة السيتي عدم استماعها للأصوات القادمة من الخارج، وتجديدها الثقة دائماً بالمدرب في السنوات الأخيرة من خلال تمديد عقده مرتين، آخرها في نهاية العام الماضي، إيماناً منها بأن لقب دوري أبطال أوروبا سيأتي عاجلاً أم آجلاً معه، وأن مقياس النجاح الصحيح لا يتم احتسابه بهذا اللقب فقط، وإنما بمجمل الأداء، حيث إن السيتي يقدم أرقى كرة قدم في العالم في الوقت الحالي، ويتميز تحت إدارة هذا المدرب الكتالوني بفرض أسلوبه بقوة المجموعة من دون اعتماد على نجم بعينه.
ولعل واحدة من أبرز الأمور في نجاح جوارديولا في هذه الليلة التاريخية في المدينة التركية إسطنبول، أنه أغلق دائرة الشك بأنه غير قادر على تحقيق لقب الأبطال سوى مع برشلونة أو بحضور نجومه السابقين الأرجنتيني ليونيل ميسي والإسبانيين تشافي هيرنانديز وإندريس إنيستا، لكنه نجح هذه المرة مع فريق إنجليزي خارج بلده إسبانيا، وبأسماء مختلفة تماماً.
جوارديولا نشأ في بلدية سانتبيدور التي تقع شمال برشلونة، وهي التي لا يتجاوز عدد سكانها في الوقت الحالي أكثر من 7 آلاف نسمة، لذلك كان حلمه دائماً أن ينضم إلى أكبر فريق هناك وهو برشلونة، وقد حقق ذلك بعمر 13 عاماً عندما التحق بصفوف أكاديمية «لا ماسيا».
وفي أول أسبوع له خلال مباريات تدريبية في الأكاديمية، لاحظه المدرب الأسطورة يوهان كرويف، الذي وضعه تحت جناحه منذ ذلك اليوم، عندما طلب منه أن يغير مركزه للعب في الارتكاز، وبعدما تأقلم خلال رحلة صعوده في الأكاديمية، ضمه الهولندي للفريق الأول لبرشلونة في عام 1990، لما سيصبح لاحقاً ما يسمى «فريق الأحلام».
جوارديولا اكتسب الخبرة وعاش أجواء حصد لقب دوري أبطال أوروبا كلاعب في صفوف برشلونة عام 1992، وهو ما جعله لاحقاً ينجح في تكرار الأمر مجسداً الفلسفة التي وضعها كرويف وقام بتطويرها بشكل حديث تقوم على الاستحواذ والتمريرات القصيرة والهجومي، ليحصد لقبي دوري أبطال أوروبا مع برشلونة كمدرب في عامي 2009 و2011. جوارديولا تحول إلى كابوس للمنافسين في مسابقات الدوري، وهو الذي حققه 11 مرة، بداية مع برشلونة في ثلاث مناسبات أعوام 2009 و2010 و2011، ثم مع بايرن ميونيخ أعوام 2014 و2015 و2016، ولعل الرد الأنسب له جاء في إنجلترا، عندما تم التقليل منه في البداية، وأن المنافسة أقوى هناك ومن الصعب احتكاره اللقب، لكنه حققه مع السيتي في خمس مرات من أصل سبع مواسم، في أعوام 2018 و2019 و2021 و2022 و2023، فلم يتنازل عنه سوى في الموسم الأول خلال فترة تأقلمه مع الأجواء، وفي عام 2020 بسبب ظروف جائحة فيروس كورونا، فيما أحكم سيطرته عليه، خصوصاً في آخر ثلاث سنوات على التوالي.
وحصد بيب جوارديولا العديد من الجوائز الفردية خلال مسيرته، منها أفضل مدرب في العالم من قبل الفيفا في عام 2011، وأفضل مدرب في إسبانيا أربع مرات، وأفضل مدرب في إنجلترا أربع مرات، آخرها الموسم الحالي.