عمرو عبيد (القاهرة)
أنهت «كوبا أميركا 2021» معاناة ميسي مع منتخب الأرجنتين، ليكسر حاجز النحس الذي لازمه طوال مسيرته الدولية، بعكس إنجازاته الباهرة مع برشلونة، لكن هل تُنهي الكأس اللاتينية الجدل حول من يكون «أفضل لاعب عبر التاريخ»؟
أنصار الأسطوري ميسي انتظروا فوزه بكوبا أميركا، ليعلنوا حسم الجدل الكبير، حول أحقية موهوب الأرجنتين البارع في أن يكون «الأفضل عبر العصور»، بعد كل ما قدمه، ويواصل تقديمه من إبهار خيالي عبر عقدين من الزمن، لكن المقارنات المستمرة بين «البرغوث» وبين معلمه الخالد، مارادونا، صنعت حالة من الحيرة الشديدة بين عشاق الكرة العالمية، لكن «ليو» اعترف دائماً بأن الأيقونة الراحل هو الأفضل عبر التاريخ، في حين كرر الأخير كثيراً أن نجم برشلونة لا مثيل له في العالم!
كابوس عدم التتويج بلقب دولي مع «الألبيسيليستي» طارد ميسي منذ بداياته الأولى، قبل 14 عاماً، ولم ينجح الأمر حتى عندما اجتمع مع مارادونا عام 2010، وأجهده الفشل رغم قيادته «راقصي التانجو» إلى 3 نهائيات مؤخراً، وكانت «حقبة خشبات الأرجنتين» الساخرة الشهيرة المبرر الدائم المنطقي الذي يلجأ إليه عشاق «البرغوث»، لأن موهبته كانت تتفجر في ملاعب أوروبا، وتطيح القاصي والداني بالتعاون مع «رفاق لاماسيا» القدامى، ثم تنقلب الصورة قاتمة بقميص «السماوي»، وابتسمت كوبا أميركا أخيراً لميسي، في ظل امتلاك الأرجنتين منتخباً متكاملاً إلى حد كبير، خاصة مع حارسه الرائع مارتينيز وخطوط متماسكة وأداء قوي من أغلب اللاعبين، وهى البطولة التي لم يتمكن مارادونا أو بيليه من الفوز بها.
ميسي في تلك النسخة اللاتينية أعاد إلى الأذهان مع قام به «الساحر الراحل» عام 1986، عندما أسهم في 71.4% من إجمالي أهداف الأرجنتين في كأس العالم، مقابل 75% لـ «البرغوث» مؤخراً، وكلاهما رقمان قياسيان في البطولتين، وفتحت قيمة التتويج باللقب «المونديالي» مقارنة بالكأس القارية باب جدل آخر، لكنه أعاد إلى الأذهان «الرواية القديمة» التي لم تُحسم حتى الآن منذ 40 عاماً، حول من الأفضل بين بيليه ومارادونا، والتي أجهدت المتخصصين والمتابعين من دون حسم واضح.
يليه حصد 3 ألقاب في كأس العالم منفرداً عبر التاريخ وسجل 12 هدفاً، لكنه لم يحصل على «الحذاء الذهبي» في أية نسخة، بل إنه أحرز هدفاً وحيداً عام 1962 وغاب عن آخر 4 مباريات في بطولة تشيلي، ولم يُتوّج بألقاب أخرى مع البرازيل، وقد تمنح الحسابات الرقمية «الجوهرة» التفوق، لكن أسطورة مارادونا في مونديال 1986، وقيادة نابولي ليتحول من فريق عادي إلى بطل في إيطاليا وأوروبا، صنعت مقارنة جدلية لم تتوقف، انضم لها بالطبع «الدون» البرتغالي الأسطوري، رونالدو، رغم عدم فوزه بكأس العالم، لكن التتويج بـ «يورو 2016» ثم دوري الأمم منحاه «المجد الدولي» المطلوب، رغم تسجيله 3 أهداف فقط في كل بطولة.
«الظاهرة» رونالدو يملك لقبين أيضاً في المونديال، وهو هداف البرازيل التاريخي فيها، بجانب 3 كؤوس كبرى أخرى، وصنع زيدان مجد فرنسا الأكبر في نهاية القرن الماضي، وحصد رونالدينيو الألقاب وأمتع الجميع بمهارات من كوكب آخر، وغيرهم من الأساطير، ويؤكد المنطق المحايد اختلاف تكتيك كرة القدم عبر العصور، والغريب أن أسس المقارنات لا تتفق أبداً، بين تتويج بلقب دولي أو أكثر، أو حصد لقب قاري، أو على صعيد الأندية، أو بتقديم مهارة فريدة من نوعها، ولهذا لا يمكن عقد تلك المقارنات، والخلاصة، أن الأرقام القياسية المخيفة التي حطمها «العبقريان» ميسي ورونالدو في الحقبة الحالية، تجعلهما خارج جميع المقارنات، ولكل منهما رونقه ومهاراته، وأن محاولة تفضيل أحدهما أو أي لاعب أسطوري سابق آخر، هو جدل بلا معنى!